
العمارة الإسلامية تعرف العمارة الإسلامية بأنها خصائص بنائية تميز بها المسلمون لتكوين هوية لهم في المناطق التي دخلوها ووصلوا إليها مثل شبه الجزيرة العربية والعراق ومصر وبلاد الشام، فقد تأثرت العمارة الإسلامية بالدين الإسلامي وبالنهضة العلمية التي تتبع له، وتختلف العمارة الإسلامية من منطقة إلى أخرى، حيث تميزت في بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية بعمارة الصحن المفتوح، بينمت اختفت هذه العمارة من تركيا نتيجة لبرودة الطقس فيها.
خصائص العمارة الإسلامية
- المساقط الأفقية: اهتم المسملون بالتصميم المعماري وفنونه، فقد حظي المسجد بمكانة كبيرة عندهم فقد اهتموا به وببنائه، وما يميز عمارة المسجد الصحن أنه يتسع لأكبر عدد من المصلين، كما تميز الصحن المشكوف بأورقةٍ تحيط به لحماية المصلين من حرارة الشمس وأشعتها، ومن الأمثلة على هذه الأورقة الرواق المُيمَّم الواقع شطر مكة المكرمة الذي تميز بعمقه عن باقي الأورقة ويحتوي حائطه على المحراب والقبلة التي تتجه نحو الكعبة المشرفة وعلى جانب المحراب يوجد منبر، وعلى مقربة منه يوجد مقعد المبلغ لقراءة القرآن الكريم.
كما تتميز المآذان بتصميم واهتمام خاص في العمارة والفن الإسلامي، ومن الأبنية الأخرى التي تميزت بالعمارة والفن الإسلامي ما كان يسمى بالوكالة أو الخان، فقد تكون من طابقين وفناء كبير داخلي مكشوف يطل على عدة حجر للنوم ودورات مياه، وكان يبنى الخان في المدن الكبرى مثل القاهرة والقسطنطينية لاستقبال الزوار والتجار.
أما بالنسبة للمساكن فقد تميزت ببناء وحدات معزولة ومبانٍ مخصصة للنساء(الحريم) والتي سميت بالحرملك، وكذبك تميزت الشرفات المطلة على الطريق العام بفتحات ضيقة صغيرة تحميها قضبان من الحديد، أما الشرفات العلوية فكانت واسعة ومناسبة تغطيها مشربيات خشبية للوقاية من الشمس.
- المداخل والفتحات: تتميز المداخل بفتحات عميقة مستطيلة في المسقط الأفقي، حيث يبلغ عمقها نصف عرضها، وتحتل معظم أجزاء المبنى، وفي نهايتها يكون لها عقد مخصوص ويوجد على جوانب الفتحة عمودان تنتهي بحلية زخرفية على شكل شرفة، أما الفتحات فهي تحتوي على زجاج ملون وبشكل خاص في الأجزاء العلوية من المبنى والتي وضعت على شكل شرفات من الخشب.
- الحوائط الخارجية: تتكون من فتحات قليلة مطلة على الشارع العام ولهذا فقد اهتموا بتصميمها من الداخل، حيث كانت تبنى من مداميك منظومة من الحجر بقوالب مختلفة منها: واجهات غاطسة إلى الداخل قليلاً، أو واجهات تتكون من عقد مستقيم فوق صفوف من المقرنصات، وتتميز الفتحات العلوية بأنها تتكون من عقود مخموسة.
العمارة الإسلامية على مدى العصور
ابتدأ دين الإسلام الحنيف بنزول الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكانت دولة الإسلام لم تنشأ بعد في مكة المكرمة، وقد ابتدأ الإسلام بمجريات النقلة النوعية، بعدما هاجر المسلمون من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فهناك ابتدأ كيان الإسلام يتأسس، فشرع النبي -صلى الله عليه وسلم- ببناء مسجد قباء، أول مسجد في الإسلام، فور وصوله إلى المدينة المنورة، وكان ذلك أول بناء يرسخ مفهوم الدولة في عقول الصحابة، وتبعه من بعده بناء المسجد النبوي الشريف، وحتى في العصر الراشدي، لم يكن هناك الشيء الكثير الذي يُبرز فن العمارة الإسلامية، لانشغال الخلفاء الراشدين بالفتوحات والمعارك، وتوسيع رقعة الدين الإسلامي، أما في العصر الأموي، فقد استطاع بنو أمية أن يسيروا بالعرب في طريق القوة والمنعة، وأن يصونوا تراثهم من الضياع، وذلك من حيث الاحتفاظ بالروح الإسلامية، وكذلك اتساع الدولة الإسلامية، وأيضًا من حيث الحركة العلمية.
ولعلّ المهمّ هو ما برهنه العرب في العصر الأموي من حيث إظهارهم فن العمارة الإسلامية، على أنه من الشعوب المتحضّرة الكبرى، فقد احترموا تراث الماضين، واهتموا بفن العمارة، وأحاطوا رجال الفن والصناعة في البلاد المفتوحة بالرعاية، ولعلّ لاختيار دمشق مركزًا للخلافة الأموية أثره الكبير في تأثرهم ببعض الطرز الفنية التي كانت تسود بلاد الشام، حيث كانت تزدهر مدارس الفن الهلنستي والبيزنطي المتأثّر ببعض أساليب الفن الساساني، وذلك بحكم طبيعة الجوار بين الدولة الإسلامية وتلك الدول صاحبة التاريخ العريق، ولذلك فإنه من الطبيعي أن يتأثر المسلمون بأساليب البناء والفن تلك عندما بدؤوا يقيمون لأنفسهم منشآت دينية ومدنية وحربية تضاهي في عظمتها منشآت البيزنطيين، لذا، كان عصر الدولة الأموية عصرًا زاخرًا بفن العمارة الإسلامية البديع.

الفن العمراني في العصر العباسي
شكّل العصر العباسي فارقًا كبيرًا في تاريخ فن العمارة الإسلامية، وتوسعت أشكال الفن في ذلك الوقت، فظهرت عدة مساجد خالدة الذكر إلى الآن، وتطورت البيمارستانات بشكل كبير، وهذا يدل على مدى اهتمام بني العباس بالعلوم الطبية، وتشجيعهم للأطباء وتشييدهم للمدارس الطبية التابعة للبيمارستانات، ودعوا إلى عقد المؤتمرات الطبية التي حضر إليها الأطباء من كافة البلاد والأقاليم التابعة للدولة العباسية، وبدأت هذه البيمارستانات تأخذ شكلًا حضاريًا فائق العظمة، انتظمت بها مهنة الطب، وأصبحت مهنة مرموقة لا يعبث بها المحتالون والسحرة وأنصاف الأطباء، أما عن تطور فن العمارة الإسلامية في العصر العباسي، فيذكر تاليًا أهم مميزاته:

- الاهتمام بالعمران وتأسيس المدن الجديدة.
- الاهتمام بعمارة المساجد والقصور والمدارس وغيرها.
- التأثّر بالعمارة الساسانية.
- تَجَلّي أهمية الإيوان.
- استخدام الطوب والآجر بأنواعه في المباني العباسية وزخرفتها.
- ظاهرة الامتداد الأفقي للمدن العباسية ومبانيها.
- تبني العقود المدببة والاهتمام بعمارة القباب الجميلة المختلفة.
- ظهور المئذنة المنعزلة عن كتلة مبنى الجامع في سامراء والقطائع.
- غنى مباني العمارة العباسية بالزخارف الجصية والرسوم الجدارية.
- جمالية المباني العباسية من طابق واحد بوجه عام.
- وصول تأثير العمارة العباسية إلى أقطار شمالي إفريقيا بواسطة أحمد بن طولون والأغالبة.
الفن العمراني في الأندلس
لم يَكَد المسلمون يتمّون تحرير بلاد الأندلس حتى بدأوا بتطبيق رسالتهم الإنسانية في الحضارة، فاستطاعوا في أقل من قرن أن يحيوا أراضي إسبانيا، ويعمروا خراب المدن ويقيموا أفخم المباني، ويوطدوا وثيق الصلات التجارية بالدول الأخرى، وشرعوا بدراسة العلوم والآداب وترجمة كتب اليونان واللاتينيين، وإنشاء الجامعات التي ظلت وحدها ملجأ للثقافة في أوروبا زمنًا طويلًا، وأخذت حضارة العرب تنهض في الأندلس منذ ارتقاء عبد الرحمن الأول العرش، أي منذ انفصالها عن الشرق سياسيًا بإعلان إمارة قرطبة سنة 138هـ / 756م فغدت الأندلس أرقى دول العالم حضارة مدة ثلاثة قرون، فمنذ تأسيس دولة الأمويين في الأندلس على يد عبد الرحمن الداخل، اهتم بتنظيم قرطبة لتتلاءم وعظمة الدولة فجدد معانيها وشد مبانيها وحصنها بالسور، وابتنى قصر الأمارة، والمسجد الجامع ووسّع فناءه.

ثمّ ابتنى مدينة الرصافة، وفق فن العمارة الإسلامية في الشام سواء في زخارفها المعمارية أم في بعض عناصر بنائها، وفي نظام عقودها، كما بنى قصر الرصافة ونقل إلى مدينته غرائب الفرس وأكارم الثمر، فانتشرت إلى سائر أنحاء الأندلس! وكان جامع قرطبة في غاية العظمة في بنائه وهندسته، وأصبح أعظم جامعة عربية في أوروبا في العصر الوسيط، فكان البابا “سلفستر الثاني” قد تعلم في هذا الجامع يوم كان راهبًا كما أن كثيرًا من نصارى الأندلس كانوا يتلقون علومهم العليا فيه، واستأثر المسجد في الأندلس بتدريس علوم الشريعة واللغة إضافة إلى العلوم الأخرى، وظهرت عدة قصور شيدها أمراء الأندلس، أظهروا فيها عظمة فن العمارة الإسلامية، كقصر الحمراء، وقصر قرطبة.
الفن العمراني في الدولة العثمانية
كان العثمانيون قد ورثوا إمبراطورية السلاجقة في نهاية القرن الثالث عشر، ثم ورثوا الإمبراطورية البيزنطية في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، وأفادوا من التجربتين الفنيَّتين الفارسيَّة والبيزنطيَّة، فاهتموا بالعمارة، وقاموا برعاية الفنون التطبيقية كالخزف والزجاج والمصنوعات الخشبية والمعدنية والنسيجية، بالإضافة إلى فن الخط والمنمنمات والتجليد وغيره، التي وصلت إلى الأسواق المحلِّيَّة والعالميَّة، واستعمل البلاط الجداري التزييني بشكليه المربع أو المستطيل، وكانت اللوحات الخزفية الكبيرة مؤلَّفة من أربع بلاطات أو أكثر، وتمثل سطوحها الورود والأزهار الجميلة، وتبدو بألوان جذابة كاللون الأزرق والأخضر المرجاني والباذنجاني والأحمر الأرجواني، وذلك فوق أرضية بيضاء جميلة، وأحيانًا لازوردية، وكانت هذه الألوان مغطَّاة بتزجيج شفَّاف.

وكان ذلك على يد أمهر الفنِّيِّين من بلاد فارس، والذين جاء بهم السلطان سليم الأول، بعد فتحه لتبريز، ولا تزال بعض العمائر شاهدة على فن العمارة الإسلامية في الدولة العثمانية، ومن القصور المطلة على البوسفور: قصر بيكلر بيك، وطولمه بغجة، وجراغان سراي، وقصر يلدز، وغيرها، وفي سوريا عدد كبير من المباني المعمارية التي تعود إلى الدولة العثمانية، منها: التكية السليمانية، جامع درويش باشا، جامع السنانية، وجامع مراد باشا المشهور باسم جامع النقشبندي في حي السويقة بدمشق، وفي سوريا عددٌ من القصور العثمانية البديعة، من أهمها: قصر العظم في دمشق وقصر العظم في حماة، وهناك مباني الخانات العثمانية التي من أهمها خان أسعد باشا العظم في دمشق وخان مراد باشا في معرَّة النعمان.
المصدر: مواقع إلكترونية